الجمعة، 27 يناير 2017

مطار حلب الدولي: ثاني أكبر مطار بسوريا

مطار حلب الدولي Aleppo International Airport

يقع مطار حلب الدولي في شمال الجمهورية العربية السورية، ويُعدّ ثاني أكبر مطار مدني في البلاد بعد مطار دمشق الدولي. يشكل المطار شريانًا رئيسيًا للحركة الجوية في المنطقة الشمالية، ويخدم مدينة حلب التاريخية ومحيطها الواسع من المحافظات والمدن الصناعية. يُدار المطار من قبل المؤسسة العامة للطيران المدني السوري ويحمل رمز الإيكاو OSAP ورمز الأياتا ALP. عرف المطار في بداياته باسم مطار النيرب، وهو أيضًا أحد المقار الأساسية لشركة الخطوط الجوية السورية، بالإضافة إلى كونه محطة انطلاق تاريخية لعدد من شركات الطيران السورية الخاصة.

مطار حلب الدولي Aleppo International Airport

تاريخ مطار حلب الدولي

يُعتبر مطار حلب الدولي واحدًا من أقدم المطارات في الشرق الأوسط. أُنشئ خلال فترة الانتداب الفرنسي في عشرينيات القرن العشرين، وكان يُستخدم آنذاك كمحطة صغيرة للرحلات البريدية والتجارية بين أوروبا والشرق. وفي عام 1926م، أُدرج المطار رسميًا ضمن خطة شركة الطيران الهولندية KLM لرحلاتها الطويلة من أمستردام إلى جاكرتا مرورًا بحلب، لتصبح المدينة إحدى المحطات الأولى للطيران المدني بين القارتين.

وفي عام 1930، حطّت في المطار الطيارة البريطانية الشهيرة أمي جونسون أثناء رحلتها التاريخية إلى ملبورن بأستراليا، لتسجّل أول هبوط لطائرة تقودها امرأة في مطار حلب، وهو حدث شكّل آنذاك نقلة رمزية في تاريخ الطيران النسائي.

شهد المطار توسعات متتابعة في خمسينيات القرن الماضي، حيث أُعيد تأهيله ليستقبل الرحلات الدولية المنتظمة. وفي ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، أصبح مركزًا إقليميًا مهمًا يربط بين مدن الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية والغربية، مما استدعى بناء صالات جديدة للركاب والشحن الجوي وتطوير البنية التحتية للملاحة الجوية.

تطور المطار وتحديثاته المعمارية

تبلغ مساحة مبنى الركاب الرئيسي في مطار حلب الدولي نحو 28 ألف متر مربع، ويتألف من أربعة طوابق مجهزة بأحدث المرافق والخدمات. صُمم المبنى ليستوعب أكثر من 1.5 مليون مسافر سنويًا، ويتضمن مناطق انتظار واسعة، قاعات للترانزيت، ومرافق تجارية وسياحية حديثة.

يضم المطار أيضًا مركز خدمات طبية يعمل على مدار الساعة، ومكاتب للجمارك والجوازات، وصالة لكبار الزوار، وفندق صغير مخصص للمسافرين العابرين. كما تتوفر في المطار خدمات السوق الحرة والمطاعم والمقاهي، بالإضافة إلى شبكة اتصالات وإنترنت حديثة تم تحديثها ضمن مشاريع التطوير الأخيرة.

المرافق التقنية ومواصفات المدارج

يحتوي مطار حلب الدولي على مدرج رئيسي بطول 5 كيلومترات وعرض 50 مترًا، مجهز بنظام إضاءة ملاحية من طراز CAT II يسمح بالهبوط في ظروف الرؤية المنخفضة. المدرج الثاني مخصص للاستخدام الاحتياطي والتدريب، وتربط المدرجين ممرات ملاحية تسهّل حركة الطائرات بين مناطق الوقوف وصالات الركاب.

تبلغ مساحة ساحة انتظار الطائرات حوالي 300 ألف متر مربع، وتضم ثماني بوابات تلسكوبية متصلة بالمبنى الرئيسي. يضم المطار أيضًا برج مراقبة حديث مزود برادارات رقمية وأجهزة ملاحة متطورة تدعم الإقلاع والهبوط الآمن في مختلف الظروف الجوية.

ومن أبرز المرافق التشغيلية في المطار مركز الإطفاء والإنقاذ الذي تم تحديثه عام 2022، حيث يضم أسطولًا من سيارات الإطفاء المتخصصة ونظام إنذار مبكر متصل بغرفة العمليات المركزية للطيران المدني السوري.

التحديات والحرب وتأثيرها على المطار

تعرض مطار حلب الدولي خلال سنوات الحرب السورية (2012–2016) لتدمير جزئي نتيجة القصف الصاروخي والمعارك التي دارت حوله، مما أدى إلى توقف عملياته بالكامل لفترة تجاوزت أربع سنوات. أُعيد تأهيل المطار لاحقًا على مراحل، حيث بدأت فرق الصيانة التابعة لمجلس مدينة حلب وفرع الإنشاءات العسكرية بإصلاح المدارج، وإعادة تأهيل مبنى الركاب والبنية الكهربائية والملاحية.

وفي ديسمبر 2016، أُعيد افتتاح المطار بشكل رسمي بعد سيطرة الجيش السوري على المنطقة المحيطة به. ومع حلول عام 2018، استؤنفت الرحلات الداخلية بين حلب ودمشق، تبعتها رحلات محدودة إلى اللاذقية والقامشلي. وخلال عام 2020، عادت الرحلات الدولية تدريجيًا إلى القاهرة، بغداد، وأحيانًا إلى دبي عبر الخطوط السورية والعراقية.

مطار حلب الدولي بعد عام 2021

منذ عام 2021، شهد المطار جهودًا متواصلة لإعادة تأهيله وتحديث أنظمته التشغيلية. في عام 2022، أعلنت وزارة النقل السورية عن تركيب أنظمة مراقبة جديدة وتحسين منظومات الإضاءة الملاحية والاتصالات. وفي فبراير 2023، تعرض المطار لأضرار طفيفة إثر الزلزال الذي ضرب شمال سوريا، ما أدى إلى إغلاقه مؤقتًا لإجراء فحوص السلامة الهيكلية قبل أن يُعاد تشغيله بعد أسابيع.

بحلول عام 2024، تم الانتهاء من مشروع توسعة ساحات الاصطفاف ومواقف السيارات وإنشاء محطة جديدة لمعالجة مياه الصرف الخاصة بالمطار وفق المعايير البيئية الدولية. كما تم إطلاق نظام حجز إلكتروني جديد بالتعاون مع المؤسسة السورية للطيران، يتيح للمسافرين حجز تذاكرهم عبر الإنترنت واستلامها في صالات المطار.

أهمية مطار حلب الاقتصادية والإستراتيجية

لا تقتصر أهمية المطار على كونه مركزًا للسفر فقط، بل يمثل عنصرًا أساسيًا في دعم النشاط الاقتصادي والتجاري للمدينة. فحلب تُعد العاصمة الصناعية لسوريا، والمطار يسهم بشكل مباشر في نقل المواد الخام والمنتجات الصناعية عبر الشحن الجوي. كما يُستخدم المطار لتسيير رحلات إنسانية وإغاثية في أوقات الأزمات والكوارث، مثلما حدث خلال زلزال 2023 حين استقبل عشرات الرحلات الدولية المحملة بالمساعدات.

استراتيجيًا، يُعتبر مطار حلب الدولي نقطة محورية في مشروع "الربط الجوي الإقليمي" الذي تعمل عليه وزارة النقل منذ عام 2024، بهدف تحويل المطار إلى محطة عبور إقليمية تربط بين أوروبا وآسيا عبر الأراضي السورية.

شركات الطيران والوجهات العاملة حتى 2025

اعتبارًا من عام 2025، يسير المطار رحلات منتظمة إلى:

  • دمشق واللاذقية (رحلات داخلية يومية).
  • القاهرة، بغداد، بيروت، دبي (رحلات إقليمية منتظمة).
  • رحلات موسمية إلى موسكو وأربيل وطهران خلال فترات الذروة السياحية.

وتعمل الخطوط الجوية السورية كناقل وطني رئيسي من وإلى المطار، كما تشغّل شركات عربية وأجنبية محدودة رحلات خاصة أو شحن جوي بالتنسيق مع سلطات الطيران المدني.

خدمات المسافرين والعمليات الحديثة

جرى تحديث قاعات الانتظار والمطاعم الداخلية خلال عام 2024، مع إضافة نظام عرض رقمي للرحلات باللغتين العربية والإنجليزية. كما زُوّد المطار بخدمة الإنترنت اللاسلكي المجانية في جميع الصالات، ونظام أمني جديد يعتمد على المراقبة الذكية بكاميرات عالية الدقة. ويجري العمل حاليًا على مشروع جديد لإنشاء منطقة حرة تجارية بالقرب من مبنى الركاب لتسهيل حركة البضائع والمستثمرين.

رؤية مستقبلية

تتطلع الحكومة السورية بالتعاون مع شركاء دوليين إلى تطوير المطار ليصبح مركزًا للنقل المتعدد الوسائط في شمال البلاد بحلول عام 2030. وتشمل الخطط المستقبلية إنشاء محطة قطار داخلية تربط المطار بمدينة حلب مباشرة، وتوسيع مدرج الطائرات لاستقبال طائرات الشحن العملاقة من طراز بوينغ 747F وإيرباص A350F.

خاتمة

يبقى مطار حلب الدولي شاهدًا على تاريخ المدينة العريق وصمودها، حيث جمع بين أصالة الماضي وحداثة المستقبل. ورغم التحديات التي مر بها، فإن استمراره في العمل يمثل رمزًا للأمل والنهوض من جديد، وركيزة أساسية لإعادة ربط سوريا بالعالم الخارجي جوًا واقتصادًا وسياحةً وثقافةً.

ليست هناك تعليقات:

تفضل باستفسارك