الاثنين، 12 ديسمبر 2016

طيران لؤلؤة السورية Syrian Pearl Airlines

طيران لؤلؤة السورية: رحلة طموحة في سماء النقل الجوي السوري

مثلت شركة طيران لؤلؤة السورية (Syrian Pearl Airlines) نقلة نوعية في قطاع الطيران المدني السوري، حيث كانت أول ناقل جوي خاص في البلاد وثاني شركة طيران وطنية بعد الخطوط السورية. اتخذت الشركة من مطار دمشق الدولي مركزاً رئيسياً لعملياتها، مع استخدام مطار حلب الدولي كقاعدة تشغيلية ثانوية. حملت الشركة رمز الإياتا: PI ورمز الإيكاو: PSB، وشكلت نموذجاً رائداً للشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال الطيران قبل أن تتوقف عن العمل بشكل نهائي في عام 2010م بسبب التحديات التشغيلية والظروف السياسية.

طيران لؤلؤة السورية Syrian Pearl Airlines

المسار التاريخي والتأسيس

شهد عام 2008م ميلاد طيران لؤلؤة السورية بموجب المرسوم الرئاسي رقم 5، حيث تم تأسيس الشركة برأس مال أولي بلغ ثمانية ملايين دولار أمريكي. وفي مارس 2009م، دخلت الشركة في شراكة استراتيجية مع طيران أوريون الإسبانية، شملت اتفاقيات شاملة لتأجير الطائرات وتوفير الطواقم الفنية والخدمات الصيانة والتأمين. وانطلقت الرحلة التجارية الأولى للشركة في مايو 2009م من مطار دمشق الدولي متجهة إلى مطار حلب الدولي، مما مثل بداية مرحلة جديدة في تاريخ الطيران السوري. وكانت الخطة الاستراتيجية للشركة تتركز على البدء بتشغيل رحلات داخلية بين المحافظات السورية، ثم التوسع التدريجي ليشمل دول الجوار ومناطق أخرى حول العالم مع تعزيز الأسطول بطائرات جديدة.

واجهت الشركة تحديات جسيمة أدت إلى توقفها النهائي في عام 2010م، حيث عانت من صعوبات بالغة في إبرام صفقات تأجير وشراء الطائرات وعقود التشغيل الفني بسبب العقوبات الأمريكية المطبقة على النظام السوري. وقد تأثرت الشركة بشكل مباشر بتداعيات هذه العقوبات، خاصة وأن رامي مخلوف - المساهم الرئيسي في الشركة - كان مستهدفاً بشكل مباشر في إطار هذه الإجراءات العقابية، مما حال دون استمرار العمليات بشكل طبيعي.

هيكلية الملكية ونموذج الشراكة الفريد

مثلت طيران لؤلؤة السورية نموذجاً فريداً للشراكة بين القطاعين العام والخاص في سوريا، مع مشاركة كويتية بارزة في هيكل الملكية. شكلت الشركة تجربة رائدة في تطوير حركة النقل الجوي السوري وتعزيز connectivity بين سوريا والعالم. توزعت حصص الملكية في الشركة وفقاً للهيكل التالي:

  • شركة شام القابضة: 69% من الأسهم (برئاسة رامي مخلوف كمساهم رئيسي)
  • الخطوط الجوية العربية السورية: 25% من الأسهم
  • العقيق للطيران - اكويلا القابضة: 6% من الأسهم (ممثلة للاستثمارات الكويتية من خلال العقيلة الكويتية للتجارة والتمويل والاستثمار، وعقيق افيشن هولدنغ، ومجموعة أولاد دشتي الاستثمارية)

الأسطول المتطور وشبكة الوجهات الطموحة

اعتمد أسطول طيران لؤلؤة السورية على طائرتين متطورتين من طراز BAE 146-300، وهي طائرات بريطانية الصنع تتميز بكفاءتها التشغيلية العالية وقدرتها على العمل في المطارات ذات المدارج القصيرة. كانت هذه الطائرات تتسع لـ 96 راكباً وتتميز بمستوى عالٍ من الراحة والسلامة. وقد مكن هذا الأسطول الشركة من تقديم خدمات نقل جوي منتظمة ومتميزة على المستويين الداخلي والدولي، حيث غطت رحلاتها المدن السورية الرئيسية وعدداً من الوجهات الإقليمية والدولية.

شملت الشبكة الداخلية للشركة رحلات منتظمة من مطار دمشق الدولي إلى مطار القامشلي ومطار حلب الدولي ومطار دير الزور ومطار اللاذقية. أما على الصعيد الدولي، فقد شملت الوجهات مدناً مثل شرم الشيخ في مصر، وبغداد في العراق، وإسطنبول وأنطاليا في تركيا، مما ساهم في تعزيز الروابط التجارية والسياحية بين سوريا ودول الجوار.

الأهمية الاستراتيجية والتأثير على قطاع الطيران السوري

لعبت طيران لؤلؤة السورية دوراً محورياً كمكمل استراتيجي لـ الخطوط السورية في تلبية الطلب المتزايد على خدمات النقل الجوي من وإلى سوريا. عملت الشركة في مجال النقل المنتظم وساهمت في تغطية المسارات التي لم تكن الخطوط السورية قادرة على تغطيتها بشكل كافٍ. وقد مثل نجاح الشركة نجاحاً للطيران السوري بشكل عام، خاصة وأن الخطوط السورية كانت تملك حصة 25% في رأس مالها.

حرصت الشركة على توفير مستويات عالية من الراحة والأمان والتميز في خدماتها، مما ساهم في زيادة الحصة السوقية المشتركة للشركة في سوق الطيران السوري. كما ساهمت في تسهيل حركة المسافرين وتعزيز البيئة الاستثمارية في سوريا من خلال توفير خيارات سفر متعددة ومتنوعة. واستفادت الشركة من كافة الاتفاقيات الثنائية للنقل الجوي التي كانت الخطوط السورية تبرمها مع الدول الأخرى، مما مكنها من العمل كمكمل استراتيجي يغطي المسارات والمواسم التي تعجز الشركة الأم عن تغطيتها بشكل كامل.

الإرث والتأثير المستدام

على الرغم من الفترة التشغيلية القصيرة، تركت طيران لؤلؤة السورية إرثاً مهماً في قطاع الطيران السوري، حيث مثلت نموذجاً رائداً للشراكة بين القطاعين العام والخاص في صناعة الطيران. ساهمت التجربة في تدريب وتأهيل كوادر سورية متخصصة في مجال إدارة وتشغيل شركات الطيران، كما شكلت سابقة مهمة في تحرير قطاع الطيران السوري وفتح المجال أمام مشاركة القطاع الخاص. وقد مهدت هذه التجربة الطريق لظهور شركات طيران خاصة لاحقة مثل فلاي داماس وأجنحة الشام للطيران، مما وسع من خيارات السفر المتاحة للمواطنين السوريين وساهم في تطوير البنية التحتية للطيران المدني في سوريا.

ليست هناك تعليقات:

تفضل باستفسارك