في السنوات الأخيرة، شهدت قوائم الضيافة الجوية تحولاً واضحاً: من بساطة تقديم الحلوى التقليدية إلى سباق لتضمين منتجات متخصّصة ومطلوبة عالمياً — مثل الحلويات العضوية الخالية من الغلوتين والحلويات المصنوعة حسب طلب الراكب. هذا التوجّه لا يقتصر على مجرد تنويع القائمة، بل يعكس محاولة شركات الطيران استثمار التجربة الحسية لدى المسافرين؛ فالآيس كريم، على سبيل المثال، يتحول من عنصر موسمي إلى أداة للحفاظ على انتعاش الركاب عند قدوم فصل الصيف، حيث تزيد الحاجة إلى خيارات باردة ومنعشة خلال الرحلات. بالتالي نجد اليوم قوائم طعام جوية تمتد لتشمل نكهات محلية ومكونات متميزة تكافئ تفضيلات الركاب المتنوعة، من محبي الغذاء الصحي إلى الباحثين عن متعة تناول حلويات فاخرة أثناء التحليق.
لا تثير لحظة تقديم آيس كريم بارد في الأجواء ابتسامة حقيقية لدى كثير من الركاب، لكن وراء هذا القرار التسويقي حسابات عملية—فالحلوى تعمل كأداة لإثراء تجربة السفر وتحسين رضا العملاء بسرعة قابلة للقياس. لذلك تبنت العديد من الشركات أساليب تفاعلية: تسمح لركابها بالتصويت على النكهات أو اختيار مكوّنات محلية لدمج الطابع الإقليمي في قوائمها. هذه الآلية تخدم هدفين في آنٍ واحد: أولاً، تمنح العميل إحساساً بالمشاركة و"التخصيص" لوجبة سفره، وثانياً، تتيح للناقلة اختبار منتجات جديدة بميزانية تجريبية محدودة قبل تعميمها على الرحلات المنتظمة — فتتحول النكهة الناجحة إلى سمة مميزة أو عرض ترويجي يجذب الركاب الباحثين عن تجارب سفر مغايرة.

اتاحة الايس كريم علي متن الطائرة
تُقدّم بعض الناقلات مزايا حصرية لمقاعد الدرجة الأعلى عبر شراكات مع علامات تجارية متخصصة في الحلويات. فهناك شركات ركزت على استيراد آيس كريم عضوي من مصنّعين محليين ضمن برامج الضيافة الخاصة بها، فيما فضلت أخرى التعاون مع ماركات عالمية معروفة لعرض مجموعة مختارة من النكهات على متن رحلات رجال الأعمال. كما عملت بعض الناقلات حديثاً على تصميم قوائم حلويات تسمح للركاب بطلب "صنداي" مُخصص بحسب أذواقهم، بينما اتجهت ناقلات أخرى إلى إدراج خيارات خالية من الغلوتين لتلبية الحاجات الغذائية الخاصة. النتيجة: تباين كبير في عروض الحلويات — من نكهات حِرفية محلية إلى تشكيلة علامات تجارية دولية — وكل ناقلة تختار طريقها بما يتناسب مع هوية علامتها وجمهورها المستهدف.
أجرى بعض مشغلي الطيران تجارب مبتكرة لمنح مسافري الدرجة الأولى والقادة التجاريين تجربة طعام مميزة، فشملت جهودهم إطلاق نكهات مخصصة عبر مسابقات عامة على وسائل التواصل أو شراكات مع محلات محلية. في إحدى هذه المبادرات، أُطلق تصويت بين ثلاث النكهات المرشحة ليتم اختيار نكهة حصرية تُقدَّم على متن رحلات محدّدة، وقد كانت النكهة الفائزة خليطاً غنيّاً من مكوّنات دسمة وحلوة توفّر توازناً بين ملمس الكريمة ونفحات الفاكهة الحمضية/الحلوة — مما منح الدائرة الضيقة من ركاب الدرجات العليا شعوراً بتجربة مصمَّمة خاصة لهم. كما أن بعض الناقلات قررت منح عينات مجانية لركاب الدرجة الاقتصادية في منافذ محلية تروّج للمنافسة، لتوسيع التفاعل بين العلامة والمجتمع المحلي.
وخلال الحملة تم اعطاء ركاب الدرجة الاقتصادية، والذين قدموا بطاقة صعود الطائرة في همفري سلوكومب في سان فرانسيسكو، عينة مجانية. وتقدم الشركة الآن كذلك آيس كريم روزلانيز باولا صنرايز.
ولكن لم يكن مسافرو فيرجن متحمسين للغاية، لأن الوجبات الحلوة اقتصرت على أولئك الذين لديهم تذاكر من الدرجة الأولى فقط.
تم تسليم النكهة الفائزة يدويًا يوميًا إلى قاعدة المنزل الأنيقة لشركة الطيران في المبنى رقم 2 في مطار سان فرانسيسكو الدولي، وتم تقديمها لنزلاء الدرجة الأولى على الرحلات الجوية المتجهة شرقاً من مطار سان فرانسيسكو الدولي. وللمسافرين العالقين في الدرجة السياحية، قدمت همفري سلوكوم مغرفة مجانية في أي من منفذيها في سان فرانسيسكو مع دليل على بطاقة الصعود إلى الطائرة لأي رحلة.
تُعد بعض الشركات الوطنية فخورة بتقديم نكهات محلية تُجسد تراث وثقافة بلادها، فتشمل قوائمها حلويات تعكس مكونات وطنية أو وصفات تقليدية. في حالات عدة، أدى توقّف ركاب عن تذوّق نكهاتٍ مرتبطة بوطنهم إلى حملات تواصلية لعلامات محلية أو لتدخلات من شركات الطيران التي سعت إلى تهدئة شكاوى المغتربين. إحدى القصص البسيطة المؤثرة تتحدث عن مسافر أبدى على وسائل التواصل اشتياقه لنكهة محلية نادرة — فاستجابت إحدى الناقلات عبر إرسال حصص محدودة من ذلك المنتج على متن رحلات الدرجة الأولى كتعبير عن التفهم والاهتمام بثقافة المسافر وارتباطه بمذاق الوطن.
أظهرت دراسات سوقية مُكلّفة من قِبل مراكز بحثية متخصصة في صناعة الطيران أن تفضيلات الحلويات تختلف اختلافاً كبيراً بحسب فئة المقصورة. ففي تجارب تذوق شملت عينات مأخوذة غالباً من خدمات الدرجة السياحية، لم يظهر الآيس كريم باعتباره خياراً شائعاً ضمن التقييمات العامة، وهو ما يرجع جزئياً إلى قصر توفره في الرحلات الفاخرة. لكنّ شعبيته المتزايدة لدى ركاب الدرجات الأولى ورجال الأعمال تشير إلى أن الناقلات قد تستخدمه كعنصر تمييزي في حزم الضيافة، ما يفتح الباب لاحتمال زيادته في المستقبل لجميع الفئات إذا أمكن توفيره بتكلفة وتشغيل فعّالين.